في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تمكّن تحالف المتمردين، بقيادة هيئة تحرير الشام، من الإطاحة بنظام الأسد في سوريا، مستفيدًا من تغيّرات في موازين القوى الإقليمية والدولية. وكان لهذا التحوّل عدة عوامل رئيسية، من بينها الدعم التركي للمتمردين، وتراجع نفوذ إيران وحزب الله نتيجة الضربات العسكرية الإسرائيلية، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا. وأدى سقوط النظام إلى إعادة تشكيل خارطة القوى في المنطقة، حيث احتلت تركيا وإسرائيل مناطق في شمال وجنوب غرب سوريا، بينما تسعى دول الخليج، وخاصة الممالك العربية، إلى تعزيز نفوذها عبر المساهمة في إعادة الإعمار. وفي الوقت نفسه، لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بوجود عسكري في سوريا، رغم الغموض الذي يحيط بمستقبل دورها هناك.
منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، أنشأت روسيا تنسيق أستانا بعد نحو عامين بالتعاون مع تركيا وإيران، بهدف الحد من العنف ورسم حدود مناطق النفوذ. ونتيجة لذلك، تغيّرت أولويات الفاعلين الدوليين، حيث تراجعت مساعي بعض الداعمين للمعارضة السورية للإطاحة بالنظام، وركّزت واشنطن على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). أما تركيا، فقد سعت إلى منع إنشاء كيان كردي متصل على حدودها الجنوبية وإعادة اللاجئين السوريين. في المقابل، ظلّت إسرائيل على الحياد تجاه الصراع الداخلي في سوريا، لكنها نفّذت ضربات عسكرية استهدفت الميليشيات الإيرانية لمنع إنشاء قواعد عسكرية ونقل أسلحة إلى حزب الله.
وفي مايو/أيار 2023، أعيدت سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد تعليق عضويتها منذ عام 2011، وجاء ذلك بفضل جهود الإمارات ودول عربية أخرى، وفي سياق التقارب السعودي الإيراني.
دور القوى الخارجية في إسقاط النظام
شهدت موازين القوى في المنطقة تغيّرًا كبيرًا بعد هجمات حماس والفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تبعها من ردّ عسكري إسرائيلي واسع. وبحلول أكتوبر 2024، كان “محور المقاومة” بقيادة طهران قد تعرّض لانتكاسات حادة نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية، مما أضعف إيران وحزب الله، وهما الداعمان الرئيسيان لنظام الأسد إلى جانب روسيا. في الوقت نفسه، كانت موسكو منشغلة بحربها في أوكرانيا، مما قلّص من قدرتها على دعم دمشق. وأدى هذا الواقع الجديد إلى تهيئة الظروف التي مكّنت المتمردين من الاستيلاء على السلطة في ديسمبر 2024.
تركيا:
بحسب الحكومة التركية، فإن سقوط نظام بشار الأسد كان نتيجة لعجزه وعدم استغلاله لحالة الصراع المجمّد التي سادت في سوريا منذ اتفاقيات أستانا عام 2017 لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار. نفت أنقرة أي تورط مباشر لها، مؤكدة أن الهجوم الذي شنته هيئة تحرير الشام كان عملية سورية بحتة. ومع ذلك، أشارت وسائل الإعلام الموالية للحكومة إلى أن الأجهزة العسكرية والاستخباراتية التركية لم تكتفِ بمراقبة الهجوم عن كثب، بل قدّمت أيضًا دعمًا مباشرًا للجيش الوطني السوري والقبائل العربية.
قبل شهرين من سقوط الأسد، في أكتوبر 2024، عزّزت تركيا وجودها العسكري في شمال سوريا، لا سيما في إدلب ومحيط حلب، حيث تحتفظ بقواتها منذ عام 2017.
من بين الجماعات المسلحة التي شاركت في الهجوم، كانت هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري—الذي يضم عناصر من الجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية—على صلة وثيقة بتركيا. فمنذ عامي 2015 و2016، عقدت أنقرة اتفاقيات مختلفة مع هذه الفصائل واستمرت في دعمها مع تغير أولوياتها في سوريا. فبينما كان الهدف الأساسي لأنقرة في البداية هو إسقاط الأسد، تحول لاحقًا إلى منع إقامة كيان كردي مستقل تحت قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، التي تعتبرها تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا. كما تسعى أنقرة إلى الحد من تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيها.
الجيش الوطني السوري، الذي يعتمد بشكل كامل على تركيا في التمويل والتسليح والدعم اللوجستي، يسيطر على المناطق التي احتلتها تركيا شمال سوريا بين عامي 2016 و2019، والتي تم دمجها إلى حد كبير في الاقتصاد والإدارة التركية. أما هيئة تحرير الشام، فتربطها بأنقرة علاقة معقدة. ورغم أن تركيا تصنفها منظمة إرهابية، إلا أنها لعبت دور القوة الحامية لها في إدلب وفقًا لاتفاقية سوتشي 2018 مع روسيا، حيث حال التدخل العسكري التركي عام 2020 دون استعادة النظام السوري للمدينة، مما عزز من نفوذ هيئة تحرير الشام.
لم يكن هجوم عام 2024 ليتم لولا الضوء الأخضر من تركيا، لكن تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان لاحقًا عبّرت عن قلقه من سرعة تقدم الفصائل، مما يشير إلى أن أنقرة كانت تتوقع عملية محدودة فقط. ومن المرجح أن دعمها للهجوم كان يهدف إلى الضغط على الأسد للموافقة على المحادثات بشأن تطبيع العلاقات السورية-التركية وتسهيل عودة اللاجئين السوريين.
الملَكيات الخليجية:
من بين دول الخليج، لعبت قطر الدور الأكبر في إسقاط الأسد، حيث كانت شريكًا صغيرًا لتركيا. ففي 2011-2012، دعمت كل من قطر، السعودية، والإمارات المعارضة السورية، لكن سرعان ما نشأت خلافات بينها، خاصة حول دعم قطر وتركيا للفصائل الإسلامية والجهادية. وبحلول 2015-2017، ركزت السعودية والإمارات على دعم جماعات غير أيديولوجية في جنوب سوريا، تاركة الشمال لقطر وتركيا. ومع انهيار المعارضة جنوبًا بين 2017 و2018، انسحبت الرياض من المشهد، بينما أوقفت الإمارات دعمها في وقت مبكر.
كانت جماعة أحرار الشام السلفية العميل الأبرز لقطر في سوريا، كما يُعتقد أن الدوحة قدمت دعمًا لجبهة النصرة التي انبثقت عن القاعدة. حظيت السياسة القطرية بنجاح كبير عندما أعلن زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، الانفصال عن القاعدة عام 2016، متبنيًا توجهًا إسلاميًا وطنيًا سوريًا. هذا مكّن تركيا وقطر من دعم هيئة تحرير الشام التي أسسها الجولاني عام 2017.
لا يزال حجم الدعم القطري لهيئة تحرير الشام بين 2017 و2024 غير واضح، ولكن من المرجح أن الدوحة لم تلعب دورًا عسكريًا مباشرًا، وإن كانت “حكومة الإنقاذ” في إدلب قد تلقت تمويلًا قطريًا. كما قدّمت قناة الجزيرة القطرية تغطية إعلامية داعمة لهيئة تحرير الشام، ما ساهم في تعزيز صورتها ضمن المعارضة السورية.
إيران:
منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، لعبت إيران دورًا رئيسيًا في بقاء الأسد، عبر التدخل العسكري وإنشاء بنية تحتية عسكرية واسعة في سوريا، شملت قواعد استراتيجية ومستودعات أسلحة ومصانع لتزويد حزب الله اللبناني، إلى جانب شبكة من الميليشيات المحلية والأجنبية. كما اكتسبت نفوذًا داخل الجيش والأجهزة الأمنية السورية.
رغم هذا الدور، لم تتمكن إيران من منع سقوط الأسد في 2024، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تقليص وجودها العسكري تدريجيًا استجابةً لمطالب المصالحة العربية، وأيضًا بسبب الضربات الإسرائيلية المكثفة على منشآتها، مما أجبرها على سحب كوادر رئيسية. مع نهاية 2024، لم يكن لدى إيران سوى قوة طوارئ لحماية مصالحها، ما جعلها غير مستعدة لمواجهة هجوم المعارضة.
كذلك، تراجع دور “محور المقاومة” بسبب المواجهات مع إسرائيل، إذ كان حزب الله اللبناني، المنهك من الحرب، غير قادر على التدخل، كما كانت الميليشيات العراقية حذرة من أي تصعيد قد يستدعي ردود فعل أمريكية أو إسرائيلية. أدت الضربات الإسرائيلية على طرق الإمداد إلى تقليص قدرة طهران على دعم الأسد، وأصبحت أولوياتها منصبة على أمنها القومي، ما دفعها إلى ترك النظام السوري يواجه مصيره.
روسيا:
على غرار إيران، لم تستطع روسيا—التي تدخلت عسكريًا في سوريا عام 2015—منع سقوط الأسد في 2024، بسبب انشغالها بحرب أوكرانيا وتراجع أولوياتها في سوريا.
لطالما كان الوجود العسكري الروسي في سوريا محدودًا، حيث كان يضم نحو 7500 جندي في 2024، أغلبهم من القوات الجوية والشرطة العسكرية والقوات الخاصة. مع سحب مقاتلي “فاغنر” إلى أوكرانيا وتفكيك المجموعة في 2023، ضعفت القدرة القتالية الروسية في سوريا، مما جعلها تعتمد على الميليشيات الموالية لإيران والجيش السوري، الذي انهار بسرعة أمام هجوم المعارضة.
مع تصاعد الأزمة، ركزت موسكو على احتواء الخسائر، حيث أوقفت غاراتها الجوية على المعارضة في ديسمبر 2024، وأقنعت الأسد باللجوء إلى المنفى في موسكو، في محاولة للحفاظ على صورتها كحليف موثوق.
العواقب الإقليمية والدولية:
أدى سقوط الأسد إلى تغيرات كبيرة في موازين القوى الإقليمية. فقد تراجع نفوذ روسيا وإيران، بينما صعدت تركيا وقطر بوصفهما داعمين رئيسيين للحكومة الجديدة في سوريا.
كانت الأولوية الروسية عقب سقوط الأسد هي الحفاظ على قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، وهما موقعان استراتيجيان للنفوذ الروسي في المنطقة. إلا أن القيادة السورية الجديدة ألغت عقودًا مع شركات روسية، مما يثير التساؤلات حول مستقبل القواعد الروسية.
في المقابل، استفادت إسرائيل من الانسحاب الروسي، حيث لم تعد موسكو قادرة على فرض قيود على ضرباتها ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، مما قد يؤدي إلى تعزيز علاقاتها مع أوكرانيا وتعديل سياستها الإقليمية، يمثل عودة ظهور الجماعات الجهادية في سوريا، مثل تنظيم داعش، تهديدًا مباشرًا لمصالح إيران الإقليمية، حيث يشكل خطرًا على حلفائها في العراق وإيران نفسها. بالتزامن مع ذلك، يزداد القلق الإيراني من التوسع الإسرائيلي في سوريا، سواء من خلال احتلال المزيد من الأراضي أو عبر تعزيز علاقاتها مع الجماعات الكردية السورية، مما قد يؤدي إلى تعاون أوسع بين الطرفين. داخل الدوائر السياسية الإيرانية، يُثار القلق من احتمال ظهور “ممر داود”، الذي قد يمنح إسرائيل وصولًا إلى نهر الفرات، ما يتيح لها توسيع نفوذها، ويؤدي إلى تهميش طهران بشكل أكبر.
تركيا: استراتيجية متعثرة وفرصة جديدة:
منذ سقوط نظام الأسد، ترى أنقرة أنها تمتلك مساحة أكبر للمناورة في سوريا، لكنها تواجه تحديات دبلوماسية وعسكرية معقدة. فمنذ عام 2020، سعت تركيا إلى منع قيام حكم ذاتي كردي في شمال شرق سوريا، إلى جانب تسهيل عودة اللاجئين السوريين. لتحقيق هذه الأهداف، اعتمدت أنقرة على مسارين: الأول هو محاولة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، والثاني شن عمليات عسكرية لإخراج قوات سوريا الديمقراطية من مدن مثل تل رفعت ومنبج. إلا أن كلا المسارين لم يحقق النجاح المرجو، حيث لم تتمكن تركيا من التوصل إلى اتفاق مع الأسد، كما أنها لم تحصل على دعم أمريكي أو روسي لشن هجوم واسع. في المقابل، تمكنت الإدارة الذاتية الكردية من تعزيز مؤسساتها، مما يجعل أنقرة ترى سقوط الأسد كفرصة أخيرة لمنع سيناريو الحكم الذاتي الكردي.
في أواخر عام 2024، تمكنت الفصائل المدعومة من تركيا، مثل الجيش الوطني السوري، من السيطرة على تل رفعت ومنبج بعد هجوم عسكري واسع، تلاه دعم جوي تركي لإعادة رسم خطوط المواجهة في شمال سوريا. اليوم، تنظر أنقرة إلى عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كفرصة لإقناع واشنطن بالتخلي عن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، التي كانت شريكًا أساسيًا للولايات المتحدة في الحرب ضد داعش. يعتمد نجاح تركيا في هذا المسار على القرارات التي ستتخذها إدارة ترامب الثانية.
مع سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكومة المؤقتة في دمشق، أصبحت الحكومة مليئة بشخصيات تتعاون مع أنقرة، مما يمنح تركيا نفوذًا كبيرًا على مستقبل سوريا. في ظل إعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية، ومع استمرار ضعف إيران وعدم وجود حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تسعى أنقرة إلى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية، مثل السعودية، الإمارات، قطر، مصر، الأردن، والعراق، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
الخليج العربي: توازن القوى بعد الأسد:
أدى سقوط نظام الأسد إلى تغيرات كبيرة في توازن القوى بين دول الخليج. كان دعم قطر لجبهة النصرة أحد أسباب فرض الحصار عليها من قبل السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر عام 2017. وعلى الرغم من إنهاء الأزمة في 2021، لم يتغير النهج السياسي القطري بشكل كبير، مما يجعل التوترات الخليجية قابلة للاشتعال مجددًا.
يُعتبر سقوط الأسد وصعود هيئة تحرير الشام نجاحًا كبيرًا للسياسة القطرية، التي راهنت منذ “الربيع العربي” على الحركات الإسلامية كقوى مؤثرة في المستقبل. في المقابل، تبنت السعودية والإمارات نهجًا مناهضًا لهذه الحركات، حيث دعمتا الأنظمة الاستبدادية في مصر وتونس، وواجهتا الجماعات الإسلامية عسكريًا. كانت الإمارات أشد معارضة للحركات الإسلامية، حتى أنها دعمت الأسد منذ عام 2015 لمنع صعود الإسلاميين، وكانت أول دولة عربية تعيد علاقاتها مع دمشق عام 2018، ثم عملت على إعادة تأهيل الأسد عربيًا. ومع أن إيران خسرت حليفًا رئيسيًا بسقوط الأسد، إلا أن هذا التطور يُعد انتكاسة كبيرة لسياسات الإمارات.
أما السعودية، فتتعامل مع التغيرات في سوريا ببراغماتية أكبر من الإمارات، حيث دعمت المصالحة مع الأسد لكنها لم تستأنف العلاقات رسميًا حتى عام 2023. ورغم قلقها من سيطرة الإسلاميين على سوريا، فإنها ليست متشددة أيديولوجيًا مثل الإمارات في معارضتها للحركات الإسلامية. في الوقت نفسه، ترحب السعودية بإضعاف إيران وحزب الله، وهناك مؤشرات متزايدة على استعدادها للتعامل مع حكومة هيئة تحرير الشام بشكل عملي.
إسرائيل: الفائز الأكبر في المعادلة السورية:
كان لسقوط الأسد تأثير إيجابي على توازن القوى لصالح إسرائيل، خاصة مع انسحاب القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، مثل لواء فاطميون. في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023، وجهت إسرائيل ضربات موجعة لحماس وحزب الله وإيران، مما عزز موقفها الإقليمي.
عقب سقوط الأسد، أعلنت إسرائيل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 وأطلقت عملية “سهم باشان”، التي تهدف إلى إنشاء نقاط مراقبة على جبل الشيخ تطل على وادي البقاع في لبنان، وإنشاء منطقة عازلة جديدة، ومنع وقوع الأسلحة المتبقية لنظام الأسد في أيدي المتمردين. رغم اعترافها بالحكام الجدد في دمشق، فإن إسرائيل تعتبرهم غير جديرين بالثقة بسبب خلفياتهم المتطرفة. بناءً على ذلك، سيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة منزوعة السلاح بموجب اتفاق 1974، إلى جانب قمة جبل الشيخ، التي تقع خارج مرتفعات الجولان المحتلة منذ 1967.
خلال 48 ساعة فقط، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 130 غارة جوية في سوريا، دمر خلالها 70-80% من القدرات العسكرية السورية، بما في ذلك الدفاعات الجوية والرادارات، مما أزال عقبة أمام الضربات الإسرائيلية المستقبلية ضد إيران. في ديسمبر 2024، أعلنت حكومة نتنياهو خططًا لتوسيع المستوطنات في الجولان، مما يعقد أي جهود مستقبلية للحل السلمي مع سوريا، بغض النظر عن الجهة الحاكمة في دمشق.
الولايات المتحدة: تغيير المعادلة لصالحها:
مع تغير ميزان القوى في سوريا والمنطقة، وجدت الولايات المتحدة نفسها في موقف قوي، حيث تم إضعاف خصومها، وعلى رأسهم نظام الأسد وإيران والميليشيات التابعة لها. رغم ذلك، لم تتحقق جميع أهداف السياسة الأمريكية في سوريا، حيث لا تزال واشنطن تواجه تحديات تتعلق بمصير قوات سوريا الديمقراطية ودورها في محاربة داعش.
في ظل تعارض المصالح بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، تحاول الولايات المتحدة إيجاد تسوية بين هيئة تحرير الشام وقسد، وكذلك بين قسد وتركيا. كما تظل قضية معتقلي داعش وأسرهم في السجون والمخيمات تحت سيطرة قسد إحدى المشكلات التي تحتاج إلى حل مستدام. بعد تعليق إدارة ترامب جميع المساعدات الخارجية في يناير 2025، تم تخصيص دعم مؤقت لدفع رواتب حراس مخيمي الهول والروج، لكن استمرار هذا التمويل غير مؤكد، مما قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار.
حتى الآن، لا تزال سياسات إدارة ترامب الثانية تجاه سوريا غير واضحة، مع احتمالات كبيرة لتغير الموقف الأمريكي فجأة. يبرز ذلك في التباين بين دعوة ترامب للانسحاب من التدخلات الخارجية، وموقف مستشاره للأمن القومي مايك والتز الذي يؤيد سحب القوات الأمريكية، مقابل تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو الذي يؤكد استمرار دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية. يرى روبيو أن الأولوية الأمريكية تكمن في تحقيق “انتقال شامل” في سوريا، مع ضمان عدم استغلال الأطراف المعادية لهذه المرحلة لتنفيذ أجنداتها الخاصة، مؤكدًا أن سوريا يجب ألا تصبح “مصدرًا للإرهاب الدولي”.
الدكتورة سينم أدار: زميلة مشاركة في مركز الدراسات التطبيقية لتركيا (CATS) في SWP.
الدكتورة مورييل أسيبورج: زميلة أولى في قسم أبحاث أفريقيا والشرق الأوسط.
الدكتور حميد رضا عزيزي: زميل زائر في قسم أبحاث أفريقيا والشرق الأوسط.
الدكتورة مارغريت كلاين: رئيسة قسم أبحاث أوروبا الشرقية وأوراسيا.
الدكتور غيدو شتاينبرغ: زميل أول في قسم أبحاث أفريقيا والشرق الأوسط.
ترجمة يوسف سامي مصري
بحث لـ المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية
رابط البحث:
https://www.swp-berlin.org/publikation/the-fall-of-the-assad-regime-regional-and-international-power-shifts